خزانة أدبنا الاغترابي، تنتظر الدفعة الثانية من الكتب، مع ست درف زجاجية، كي تضيق أكثر فأكثر، وهل يتوقف الابداع اللبناني؟
لأول مرة بتاريخ الاغتراب يأمر وزير الخارجية والمغتربين المهندس جبران باسيل بحفظ أدبنا المهجري في قنصلية لبنان العامة في سيدني.
ولأول مرة تستقبل قنصلية لبنانية بشخص ممثل لبنان الاستاذ جورج البيطار غانم مكتبة خاصة بأدب المبدعين اللبنانيين في أستراليا.
وإليكم القصة:
منذ أشهر أخبرتني المحامية بهية أبو حمد أنها ستقفل مكتبها عدة اسابيع بغية السفر الى لبنان من أجل دعم أدبنا الاغترابي. وبطريق الصدفة أخبرتني أنها ستقوم بزيارة عدة وزراء من بينهم وزير الخارجية والمغتربين الاستاذ جبران باسيل.
فما كان مني إلا أن سألتها: أتريدين حقاً أن تدعمي أدبنا المهجري؟
فأجابت: ولهذا أنا ذاهبة الى لبنان.
فقلت: إذن، طالبي معالي الوزير باسيل بحفظه من الانقراض في السفارة أو القنصليات، حتى نؤمن حقاً أن لبنان كان وما زال بلد الحرف. وأخبرتها كيف أن ابن أحد الشعراء في سيدني قام بحرق كتب ابيه كي يشعل بأوراقها النار، ويشوي اللحم والدجاج، كونه لا يقرأ العربية.
كنت أتكلّم وهي تصغي بتمعّن شديد، فخلتها أقفلت الخط، وفجأة قالت: هل بإمكانك أن ترسل لي رسالة تشرح فيها كل شيء كي أسلمها للوزير باسيل.
وبسرعة البرق كانت رسالتي بين يديها، ولسان حالي يردد: آن الأوان كي ننقذ كتبنا من ولائم الشواء والباربكيو.
وبعد أيام من سفرها، جاءني صوتها من لبنان صارخاً: ألف مبروك، الوزير باسيل وافق.
فصحت بدوري: أصحيح ما تقولين؟ هل وعدك بإرسال بلاغ رسمي الى قنصلية لبنان العامة في سيدني؟
وبثقة تامة قالت: أجل، أجل، لن يحرق ابن عاق كتب أبيه بعد اليوم.
وجاء البلاغ حاملا الرقم 13/967 بتاريخ 18/9/2014، وممهوراً بتوقيع معاليه، طالباً من سعادة قنصلنا العام الاستاذ جورج البيطار غانم، تقبّل الهدية من مبدعي الجالية.
والهدية هي كتبهم، وكل ما جادت به عبقريتهم، فإن نجحت الفكرة، وقد نجحت، ستعمم على جميع المغتربات.
والمطلوب الان من كل مبدع مغترب، شاعراً كان أم أديباً أم إعلامياً أم فناناً، طبع كتاباً أو سجل أغنية أن يقدمها مشكوراً للقنصلية كي تحتفظ بها، تماماً كما تفعل استراليا مع نتاج مبدعيها.
وللتاريخ أعترف أنني وعدت بالرسالة بالتبرع بثمن الخزانة التي ستحتضن مؤلفاتنا، ولكن المحامية بهية أبو حمد تحملت تكاليفها عني، بعد أن رأت مدى الجهد الذي أبذله من أجل تجميع أكثر من 280 كتاباً وفيديو، كانت قد اهديت لي من مبدعي الجالية، بغية إهدائها بدوري لمكتبتنا الحلم في قنصليتنا العامة في سيدني.
وكما ترون، وصلت الدفعة الأولى من الهدية، أما الدفعة الثانية فستعرض قريباً، فلا تقولوا الكتب قليلة، والخزانة ما زالت فارغة، لأنها ستضيق وتضيق متى أهدى باقي الأدباء والمثقفين الشرفاء ما لديهم من كتب في جميع الولايات الاسترالية، شرط أن تكون لأدباء وشعراء وفنانين لبنانيين مهجريين فقط.
فألف شكر يا معالي الوزير جبران باسيل، على ارجاع الحرف الاغترابي الى وطن الحرف.
وألف شكر يا سعادة قنصل لبنان العام في سيدني الاستاذ جورج البيطار غانم، على استقبالك المشروع برحابة صدر.
وألف ألف شكر يا حضرة المحامية الذكية الاستاذة بهية أبو حمد على عملك الدؤوب من أجل إنجاح هذا المشروع التاريخي العظيم. فلقد حملت الفكرة الى الوزير، ليتحقق الحلم هنا، فلك أرفع القبّعة، وأنحني إجلالاً، وأتمنى من كل قلبي أن يكرّمك لبنان.
فلا تتأخّروا بتزويد المكتبة بكتبكم قبل أن تأكلها النار، ولن تأكلها بعد اليوم.