نجاة فخري مرسي.. وجائزة جبران

   "رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا وجائزتها الجبرانيّة".. كتاب جديد أهدتنا إيّاه الأديبة المهجريّة نجاة فخري مرسي، لنزيّن به مكتباتنا العطشى إلى أعمال خالدة كهذه، ترجعنا إلى الماضي، لا لنرتمي في السلفيّة، بل لنصحّح أخطاء ارتكبناها ساعات العطاء والإندفاع نحو العمل بتلقائيّة الأطفال وبراءتهم، همّنا فقط التغلّب على غربة سوداء، كل ما فيها ينعب!
   يقع الكتاب في 340 صفحة من القطع الكبير، أزهرت فيها مقالات وقصائد الفائزين الجبرانيين منذ السنة الأولى لمنح الجائزة. وأعطت الكتاب رونقاً أدبياً رائعاً، وبعداً عالمياً قد لا يتمكن من الوصول إليه إلاّ من دخل الكتاب من بابه الضيّق جداً جداً، الذي هو (الجائزة).
   أخطاء الكتاب هامشيّة لا قيمة لها، سببها النقل السمعي عن أشرطة الفيديو، كما حصل في قصيدتي الجبرانية، التي تغيّرت فيها كلمات عديدة.. أو الصفّ الإلكتروني، كما حصل في عبارة (جميع الحقوق محفوظة). ولكن إذا وضعنا الكتاب في كفّة النقد، نجده أبعد من النقد، لأن ما احتواه أسمى من أن يتطاول عليه أحد. إنه يحضن بين دفّتيه كلمات أناس عباقرة غيّروا مسار أدبنا، وأعطوه زخماً، أنّى للأيام أن تمحوه، وأنى لمزاجيّة البشر أن تتلاعب به. منهم من طواه الموت، ومنهم من يواصل معاناته اليوميّة مع الحياة، علّه يهدي أمته العربيّة فجراً جديداً مرصّعاً بالحريّة، والعيش الكريم.
   لقد أتحفتنا نجاة مرسي بمؤلفات عديدة، أحببتها حرفاً حرفاً، ولكن الأحب إلى قلبي سيكون هذا.. لأنني أعيش بين صفحاته، كما يعيش العطر بين وريقات الزهرة. أتضوّع تارة، وأختفي تارة أخرى.. ولكنني هناك، بجسدي، بأنفاسي، بإلقائي، وبكلماتي، فألف شكر يا نجاة.. وألف شكر يا أنيس.. فلولا سخاؤكما ما بزغ فجر تاريخنا.. ولبقيت مواقفنا الأدبيّة تتوق لأرصفة تنقذها من زحمة الغربة، ومن غبارها القاتل.