بارك اللـه.. بالهوفر ماتيك

   صاحت الزوجة بصوت مزعج كأنه دويّ طائرة نفّاثة، اخترقت جدار الصوت، وحطّمت زجاج المنازل:
ـ أسرع يا مبارك.. إبنك فحّم من كثرة البكاء..
   ومع ذلك لـم يسمع مبارك زعيق زوجته، لأنه كان منهمكاً بتنظيف سجّاد بيته بآلة الـ (هوفر ـ ماتيك)، التي اشتراها منذ أسبوع بمبلغ يفكّ مشنقة، على حدّ تعبيره. فاقتربت منه زوجته وصاحت في أذنه:
ـ لماذا لا تردّ عليّ؟.. لقد نشّف الصراخ زلعومي..
   فأجفل، كمن لسعته أفعى، لدى سماع صراخها، وقال:
ـ لـم أسمعك.. صوت (الهوفر) أعلى من صوتك..
ـ إبنك يبكي منذ نصف ساعة، ولا أدري ماذا أفعل..
ـ بسيطة..
ـ قلت لك: إبنك فحّم من كثرة البكاء.. فتقول لي: بسيطة!
ـ تعالي معي ولا تخافي.. سأجعله ينام كالمومياء، ويشخّر كالخنزير.
   فما كان منه إلاّ أن جرّ آلة تنظيف السجّاد حتّى باب الغرفة التي يوجد فيها الطفل، ثـم قفل راجعاً إلى الصالون ليكمل تنظيفه. فإذا بالطفل يهدأ تماماً، ويغطّ في نوم عميق هانىء. عندئذ طار عقل الزوجة، وراحت تلطم على وجهها وتصيح:
ـ ماذا فعلت يا مبارك؟.. لقد قتلت إبنك..
ـ إنه نائـم.. لا تخافي.. إبننا يحب أن ينام على صوتالهوفر..
ـ هل هذا معقول؟..
ـ معقول ونصف..
ـ وهل تعرف أحداً ينام على صوت (الهوفر) المزعج؟..
ـ ولـمَ لا.. أنا مثلاً كنت أنام على صوت (بابور) الكاز.
ـ بارك اللـه فيك.. يا مبارك.
   هنا تنحنح الزوج، وقال ضاحكاً:
ـ أفضل أن تقولي: بارك اللـه بالهوفر ماتيك..