عزيزي الرئيس..
من كعب الارض أكتب إليك، لأبثّك، والمجلس القاري، حبّي وامتناني. ولأخبرك عن العبير النادر الذي فاح في أرجاء غربتي الطويلة.
كنت أعتقد أن الغربة تحجّر قلوب وعقول الناس، وكم حجّرت منها، ولكنّ قلبك رفض أن يتنشق ما تنشقّه غيرك من سموم، فظلّ ينبض بالحبّ، ويوزّع علينا في مواسم الأعياد هداياه، كالبابا نويل، أو كأولئك الجدود الأشاوس الذين ما أن تبادرهم بتحيّة العيد حتى يفرغوا ما في جيوبهم من خير أمام أعين سعادتنا.
لقد حاولوا أن يسرقوا السّعادة التي زرعتها، دون معرفة، في قلبي وعينيّ. همّك فقط أن تسعد مغترباً أعطى الغربة سني عمره، وعصارة فكره دون أن يمنّن أحداً.. وكيف يمنّن، وهناك من أعطاه أيضاً دون منّة.. هناك من كرّمه ومن خلّده ومن أحبّه.. ألـم يشرح لنا المعلّم الأكبر، صاحب الميلاد، كيف تكون المحبّة؟!.. وأن المحبّة المجزوءة لا تلفحها الشمس، ولا تعترف بها الورود، ولا تغني لها البلابل!!..
محبّتك، يا حبيبي جوزاف، وأقولها بملء فمي، كانت أكبر من عالمنا الاغترابي هذا، وأوسع من حدقات عيوننا، وأعمق من تفكيرنا، لذلك خافها البعض، وحاول أن يستتر بأنانيته، دون أن يعلـم كـم هي مفرحة، وكـم هي لذيذة، وكـم هي منعشة تلك المحبّة التي أرسلتها لنا جميعاً، باسمك، وباسم المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالـم ـ فرع أميركا الشمالية.
منك نطلب المعذرة، فاعذرنا أيّها الكبير، لعدم تفهّمنا واستيعابنا لتطلعاتك الإغترابية، لالتفاتاتك الأدبيّة، ولاعترافك بنا، كطاقات تحمل الضوء في قناديل قهرها وعذابها وقلقها المتواصل، لتهديه، كما أهديتنا، للقوافل الآتية من الشرق.
أمامك.. وأمام من يقرأني.. وأمام سنوات غربتي الطويلة.. أقسـم أن لا أحد من أدباء وشعراء المهجر في أستراليا، أنكر جميل بادرتكم، وإن كان كلّ واحد منهم قد عبّر بطريقته الخاصّة، وفقاً لأصول الديموقراطيّة التي بها نؤمن جميعاً، لذلك باسمهم، وباسم كل الادباء والشعراء في عالـم الانتشار اللبناني أرجوك أن لا تتراجع، وأن لا تتوقّف عن تكريم طاقاتنا الاغترابيّة، فلا فضل لنا إذا أحببنا من يحبّنا، بل الفضل، كل الفضل، أن نحبّ من أشاح بوجهه عنّا. فأنا وعالـم الانتشار الذي تحبّ، بانتظار تتويج أمير آخر تختاره والمجلس القاري لعام 2001، فما أجملها من ساعة حين أسلّم صكّ الإمارة لأمير آخر أفنى عمره وهو يبني قلاع إمارته الأدبيّة في غربة لا ترحم أحداً.
كلّنا نحبكم.. فلا تشيحوا بوجهكم عنّا.. جاليتنا غنيّة بأقلامها.. بتسامحها.. وبمحبّتها. ومن هذه المحبّة المتدليّة الأغصان أقطف لك ولزملائك الكرام أجمل الشكر وأصدق السلام.