وزير الصحة اللبناني السيد سليمان فرنجية طار صوابه من كثرة التعديات على المياه في منطقة القبة ـ طرابلس، وقال: لن نكون مظلّة فوق أي مخالف، وأحمّل السلطة مسؤولية أي تلكؤ يؤدي إلى تعطيش الناس.
والجدير بالذكر أن منطقة القبة في طرابلس تعتمد كلياً على مياه نبع رشعين، التي تلوّثت منذ عدة سنوات بسبب التلاعب بها.
كل واحد من أبناء المنطقة يعتبر أن مياه نبع رشعين تخصه وحده، وأن بإمكانه أن يتصرّف بها كما يشاء، وأن يجرّها إلى عمارته بالزخم الذي يريده، متناسياً أن هناك، وفي منطقة أخرى، أناساً تصلهم هذه المياه.. وأن التلاعب بها قد يؤدي إلى تلوثها أو إلى انقطاعها.
أهالي منطقة القبة اعتصموا، صاحوا، وقّعوا البيانات، أطلقوا النداءات، وأوصلوا صوتهم إلى المسؤولين والإعلام.. فكان لهم ما أرادوا.. وعادت المياه إلى حنفياتهم العطشى.
أمّا سيدني فمياهنا ملوّثة منذ سنة 1940، على حد تعبير أحد الخبراء الأستراليين، ونحن كالأطرش بالزفّة.. نسمع التقارير ونغلي المياه.. ونحلم بالبيبسي كولا.
فبعد أزمة المياه التي بشّرنا المسؤولون بانتهائها.. ها هي أزمة التلوّث تعود إلينا وبمعدلات قياسية. إذ أن جراثـيم الـ (غيارديا) تسرح وتمرح بها كيفما تشاء.
ومثلما حاولوا التعتيم على التلوّث في المرّة السابقة، حاولوا، أيضاً، أن يعتّموا علينا مرّة أخرى، وكأن على المسؤولين أن يلدغوا من جحر مرتين حتى يفهموا ويستوعبوا.. فقالت دائرة الصحة في الولاية: ليس من الضروري تحذير السكان.. وأنها تأخذ بالاعتبار عوامل كثيرة قبل توجيه التحذير، أولها، إصابة سكان الولاية بالأمراض.
عظيم واللـه.. إذا لـم نمت عن بكرة أبينا، لن تصدر دائرة الصحة إنذارها، رغم معرفتها بأن رئيس مصلحة مياه سيدني استقال بسبب إهماله وقلّة تدبيره.. فهل سيستقيل رئيس دائرة الصحة بعد هذا التصريح القاتل المهمل؟!
كريس هاتشر الناطق بلسان المعارضة رفض منطق دائرة الصحة جملة وتفصيلاً وقال: حجتهم غير مقبولة، وهي مثل الحجة القائلة أن ليس من الضروري تركيب أضواء السير في تقاطع طرق، إذا لـم تحدث حوادث وتزهق أرواح الناس..
وهذا ما دفع برئيس الولاية السيد بوب كار إلى إجبار دائرة الصحة على إصدار تحذير بعدم شرب المياه قبل غليها... ونسي أن يقول (بعد شرائها من السوبر ماركت).
وبما أن عقول المسؤولين في مصلحة مياه سيدني قد توقّفت عن العمل، استعانت المصلحة بخبراء من الولايات المتحدة الأميركية حتى يشيلوا (الزير من البير).. وتعود المياه إلى مجاريها بين الناس والمصلحة.
في لبنان مشكلة مياه، في الأردن مشكلة مياه، في إيران مشكلة مياه.. وفي سيدني أيضاً مشكلة مياه، فهل أصبحت أستراليا من دول العالـم الثالث؟!.. هل بدأت بتوديع عزّها السابق؟!.. هذا ما ستظهره لنا أزمة مياهها وتراجع دولارها.
وإلى أن تتضح الأمور انصحكم بعدم تصديق أحد.. فكل واحد يعمل لمصلحته.. والمحظوظ منهم من كان له أسهم في إحدى شركات بيع المياه المعدنية.