شتائم جوزاف بو ملحم المحبّبة

   من الناس الذين تعرّفت عليهم، وأحببتهم، وصاحبتهم، وآخيتهم في أستراليا، كان الصحفي جوزاف أمين بو ملحم.
   ولكن مشكلتي الوحيدة مع جوزاف كانت، وما زالت، أنه متى تأخّرت عليه بالزيارة، يراشقني (بالفاكسات) الموجعة، التي يدبّجها بقلمه المبدع الساخر، ويرسلها إليّ إماً شعراً وإما نثراً، لتخضّ مضجعي.. وتجعلني أتقلّب في فراشي طوال الليل، وأنا أحلـم بطلّة غد مشرق، كي أقف أمام باب مطبعته، وابتسامتي تسبق سلامي عليه:
ـ كيف حالك يا أبا أمين؟
  فيردّ عليّ بابتسامة أوسع:
ـ الظاهر استلمت الفاكس..
   ولكي تعرفوا عن أي نوع من الفاكسات أتكلّم، أخبركم أنني عدت إلى بيتي ذات يوم، فإذا بوالدتي الحبيبة تستقبلني على الباب، وهي تقول:
ـ لقد وصلك فاكس من جوزاف بو ملحم، يشتم فيه أختك..
ـ وهل أنجبتِ لي أختاً كي يشتمها؟!
ـ ولكنه شتمها دون أنجبها..
ـ وأين الفاكس؟
ـ على طاولة المكتب:
   صعدت الدرج كالسوبرمان، وارتميت على كرسي المكتب، ورحت أقرأ شعراً على وزن أغنية فيروز الشهيرة (أنا وشادي):
من زمان ع  أيّام الصدى
كان في شاعر يجي من ماريلاندز
إضحك أنا ويّاه
كان إسمو شربل
أنا وشربل كسدرنا سوا
رحنا ع مكدونالد وع السوفلاكي سوا
وبسيارتو يا ما وياما ع المطبعة رحنا سوا
ويوم من الأيّام ولعت الدني
ناس ضد ناس علقوا بموطني
اللي بعلمك أحبّه صاروا عدا
قرفنا من الجرايد سكّرنا (الصدى)..
بالمطبعه انزربنا
وما عاد شفنا حبايبنا
لكن جوّا قلوبنا حبّن باقي فعل وصدى
   وفي الختام يشتم أختي التي لـم تولد ولن تولد، ليسألني: وين هالغيبه؟
   وبعد أن انتهيت من القراءة، قلت لأمي:
ـ عجيب أمرك يا أماه، ألـم تحفظي من كل هذه القصيدة الطويلة إلا: (....) إختك، وين هالغيبه؟
   فأجابتني وهي تضحك:
ـ لأنها أجمل ما في القصيدة.. كونها آتية من صديق محبّ اسمه جوزاف بو ملحم. أنصحك بزيارته حالاً قبل أن يرسل لك شتيمة أخرى تنسيك الأولى.
   فما كان منّي إلاّ أن عملت بنصيحتها، ولسان حالي يردّد:
جوزافْ بُو ملْحِمْ بِيسِبّ  
مَعْ هَيْدَا وْكِلُّو بْيِنْحَبّ
مِتْلُو ما بْيُوجَدْ إِنْسَان     
لا بِالشَّرْق وْلا بِالْغَرْب