ويلي يا ويلي

   جلست القرفصاء أمام قصر يتشاوف بجماله وكلفة بنائه على قصور غرناطة، وراحت تندب زعيماً لبنانياً كبيراً، توفّاه اللـه بطريقة (حسب نواياكم ترزقون)، وبيدها محرمة سوداء تلوّح بها في الهواء تارة، وتكشّ بها الذباب الجائع كشعبنا المسكين عن وجهها تارة أخرى، وصراخها يملأ الأرجاء:
وَيْلِي.. وَيْلِي يَا وَيْلِي
فْرَاقَك هَدَّلِّي حَيْلِي
   فتصيح باقي النساء مولولات:
ـ يا وَيْلِي..
   وبعد أن تلطم خدّيها وجبينها إثر كل صرخة، تعود الحرمة المفجوعة إلى الصراخ الممل:
ـ وَيْلي.. وَيْلي.. يا وَيْلي
   فثارت حفيظة سيّدة مثقّفة ثائرة على الزعامات والأحزاب التي تمتص دماء الشعوب، وتقامر بأموالهم لتبني قصوراً كقصر هذا المرحوم الذي لـم يتجاسر مواطن واحد فقط، ويسأله: من أين لك هذا؟، واقتربت منها قائلة:
ـ هل بينك وبين المرحوم قرابة؟
ـ لا واللـه..
ـ هل أسدى إليك خدمة ما؟
ـ لا واللـه..
ـ هل زفّت طريق قريتك؟
ـ لا واللـه..
ـ هل وظّف إبناً من أبنائك؟
ـ لا واللـه..
ـ هل عزّاك بأحد موتاكِ؟
ـ لا واللـه..
ـ فلماذا إذن تتفّجعين عليه هكذا؟
   وكالأطرش بالزّفّة، تطلّعت بها عدّة ثوانٍ، عادت بعدها إلى الصراخ المزعج:
ـ ويلي.. ويلي.. يا ويلي
فراقك هدّلي حيلي
   فما كان من المرأة المثقفة إلاَّ أن جنّ جنونها، وأَكملت الردّة الناقصة، ويداها تحلشان شعرها:
وليش زِعْلانِه يا خَيْتُو
يِعْمِل إِجْرُو مِعْقَيْلِه!!