مازوت زائد مازوت

   مثلما تعطّلت لغة الكلام بين أحمد شوقي وعروسة البقاع زحلة، هكذا أيضاً تعطّلت لغة (الحمّام) بيني وبين سخّانة المياه في بيتي.
   غير معقول!!!.. في عزّ دين الحشرة، والطقس عاطل، وأسناني تصطكّ على بعضها البعض من شدّة البرد، توقّفت الستّ (سخّانة) عن تسخين الماء وتصديره إلى جسدي، دون سابق إنذار.
   أخي جوزاف يعرف سنكرياً شاطراً، تعامل معه عدّة مرّات، فوجده إبن ناس، على حدّ تعبيره، فرجوته أن يأتيني به حالاً.. حالاً..
   وكسوبرمان زمانه، عربش أخونا على السقف، وأجرى فحوصاته الأوليّة على السخّانة المريضة، وصاح:
ـ عندك مازوت؟
ـ عندي!!
ـ إملأ قنينة وناولني إيّاها..
ـ أنا تحت أمرك..
   وبعد لحظات من الصمت القاتل، صاح مجدّداً:
ـ بعد عندك مازوت؟
ـ نعم..
ـ ناولني قنينة ثانية بسرعة..
ـ أمرك يا معلّم..
   ناولته القنينة الثانية، وأنا أتساءل:
ـ ماذا فعل بقنينتين كبيرتين من المازوت؟
   وجاءني جوابه:
ـ محظوظ يا خواجة.. الصدأ يغطّي فوّاشتك، وأفضل دواء له كان المازوت.. ألف مبروك.. إنعم مجدّداً بحمامك.. ونعيماً سلفاً..
ـ وكم ستكلّفني هذه العمليّة المازوتيّة؟
ـ خمسين دولاراً فقط..
ـ لا غير؟
ـ أعطيتك هذا السعر كرمى لشوارب أخيك جوزاف..
ـ تكرم شواربك يا آدمي.. تفضّل..
   والظاهر أن جنابه نسي أن يفرغ السخّانة من مياهها المموزتة، لأنني عندما فتحت حنفيّة الماء على جسمي المحظوظ، ما عدت أعرف كيف أتخلّص من رائحة المازوت الكريهة طوال الليل:
لولا من هَـ الفُوّاشِه
كنّا من ساعَه نِمْنَا
صلّحناها.. وعَ الماشي
بالمازوت تحمّمنا