إسمي شربل بعيني، عملت أستاذاً في مدرسة سيدة لبنان ـ هاريس بارك التابعة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات ، التي تضم في قسميها الابتدائي والثانوي أكثر من ألف طالب وطالبة. أشرفت فيها لمدة 30 سنة على تدريس اللغة العربية في الصفوف الرابعة والخامسة والسادسة الابتدائية. كما أعددت لها معظم الكتب العربية التي تدرس فيها، ولقد طبع العديد منها برنامج المساعدات الحكومية للمدارس الاثنية التي يشرف عليها مكتب وزير التربية والتعليم لولاية نيو ساوث ويلز.
"The Ethnic schools grants program administrated by the office of the minister for education for NSW " .
الصف الرابع :
من بين الصفوف التي درّستها، اخترت الصف الرابع ابتدائي، كونه البداية في القسم.. فتلامذته يأتون من قسم آخر يشرف عليه أساتذة آخرون. ومن واجبي تحضيرهم بشكل جيد لدخول الصفوف الثانوية بعد 3 سنوات من تلقي اللغة العربية في الصفوف 4 و 5 و6 التي أشرف عليها.. وإلا سوف لن يتم تحضيرهم، في الصفوف الثانوية، للخضوع لامتحانات اللغة العربية في شهادة الـ H S C الرسمية، نظراً لعدم تمكّنهم من اللغة العربيّة.
أعمار تلامذة الصف الرابع تتراوح بين الثامنة والتاسعة، وقد ولدوا بمعظمهم في أستراليا، ويتكلّمون العربيّة العاميّة بركاكة مضحكة كما أنّهم لا يعرفون من العربيّة الفصحى سوى كلمات تعلّموها في الصفوف الأولى والثانية والثالثة لابتدائيّة.
الصعوبة الكبرى :
لا أنكر أن صعوبات جمة واجهتني أثناء تدريس العربية، سأكتفي بمعالجة واحدة منها أسميتها الصعوبة الكبرى، ألا وهي "الكتابة". وكما هو معروف لدى الجميع، فالكتابة باللغة العربية تبدأ من اليمين الى اليسار، عكس الانكليزية، التي يتعلمها الطالب طوال النهار، والتي تؤثر عليه سلباً أثناء تلقي العربية. خاصة وأن حروفنا العربية تتغيَّر باستمرار، لنأخذ مثلا آخر حرف منها وهو " الياء YA'A ي" فيكتب في بداية الكلمة "يـ ـ يد " وفي منتصفها " ـيـ ـ سيد " وفي نهايتها " ـي و ي ـ أبي ، جدي ".. إلى آخره .
مرة طلبت من الطلاب كتابة كلمة "عمي ـ MY UNCLE" ، فجاءت النتيجة هكذا:
Student 1 ي م ع
Student 2 ع مي
Student 3 ع م ي
Student 4 عم ي
* التلميذ الاول كتبها حسب الطريقة الانكليزية، من الشمال الى اليمين، دون أن يربط بين الحروف..
* التلميذ الثاني لـم يجمع حرف ال "ع" مع "مي" .
* التلميذ الثالث، كتب الكلمة حسب الطريقة العربية، من اليمين الى الشمال، دون أن يربط حروفها.
* والتلميذ الرابع، لـم يجمع كلمة "عم UNCLE" مع الـ "ي MY" لتصبح "عمي".
والمضحك حقاً، أن الطلاب الاربعة ينسخون كلمة "عمي" من الكتاب بطريقة مدهشة دون ارتكاب أي خطأ ما.. فلماذا تتغير الحال عند الاتكال على أنفسهم؟ .
دروس جديدة:
لقد حاولت التخفيف من تمارين النسخ التي أعددتها لهم، فبدلاً من إضاعة وقتهم في تمرين كهذا :
* أنسخُ ما يلي :
COPY THE FOLLOWING WORDS:
عمي أمي أبي خالي خالتي جدي
.
..........................................................................................
..........................................................................................
يتعاملون معه دون تفكير أو إحساس، ويزرع في نفوسهم الملل، لجأت الى تمارين مختلفة، مفيدة ومسلية، سأكتفي بشرح اثنين منها وعرض بعضها في نهاية الموضوع:
التمرين الأوَّل :
"ملاحظة: استعملت في الأسئلة العربية صيغة المتكلم كي لا تتغيّر بين المذكر والمؤنث" ضع، ضعي، رتب، رتبي".
* أضعُ الحرف الناقص مكان النقطة ليكتمل معنى الكلمة:
FILL IN THE MISSING LETTER TO MAKE A WORD:
. ارٌ NEIGHBOUR . دٌ GRANDFATHE . رسٌ BELL
. ابٌ DOOR رَ.ـيع SPRING كلـ . DOG
التمرين الثاني :
* أرتّبُ الحروف حسب الترجمة :
* UNJUMBLE THE ARABIC LETTERS:
م ر ق .............................. MOON ل م ق ...................................... PEN
د ق م .............................. FOOT ص ر ق .............................. PALACE
في التمرين الأول وضعت الترجمات الانكليزية للكلمات العربية المزمع كتابتها، لأنشل الطالب من الحيرة ، ولأخفف عنه التفتيش والضياع .. فالمطلوب حرف واحد لا غير .. وما عليه إلا إيجاده وربطه بطريقة سليمة بباقي الحروف ، لتتكون عنده الكلمة المطلوبة .
أما في التمرين الثاني ، فقد كتبت الحروف بطريقة عشوائيّة ، وما عليه سوى ربطها ببعضها البعض بعد ترتيبها بطريقة جيدة تعطيه كلمة مفيدة تناسب الترجمة المرفقة .
قصدت من هذا كله :
ـ دفعه على مراجعة الحروف العربية ، للحصول على الحرف الناقص .
ـ تمرينه على ربط الحروف العربية بطريقة سليمة ومسلية .
ـ دفعه للترجمة بطريقة غير مباشرة .
ـ تحسين الكتابة العربية عنده ، من دون أن يشعر بذلك .
ماذا حصل :
لقد تحسّن وضع طلابي من ناحية ربط الحروف العربية ببعضها البعض ، والكتابة التلقائيّة دون الرجوع الى نص مكتوب أمامهم .. كما أصبحوا على معرفة بترجمات بعض الكلمات العربية من جرّاء التعامل الدّائم معها.
التمارين كانت مسليّة لهم ومفيدة .. صحيح أنّها سبّبت بعض الضجيج في الصف ، من جراء تعاون الطلاب مع بعضهم البعض بغية حلّ الكلمة ، ولكنني أعتبره ضجيجاً عادياً مفرحاً لهم ولي في آن واحد ، نظراً للنتيجة الجيدة التي حصلنا عليها معاً ، بسبب هذه التمارين الشيِّقة .