تينات جورج هاشم

   اذا أردت أن تعرف مقدار محبة أصدقائك، اطلب منهم شيئاً من الصعب تحقيقه، فإن هم حقّقوه، إياك أن تفرّط بهم.
   وكما تعلمون فموسم التين لم يأت بعد في أستراليا، ومع ذلك أرخيت ظلّي الثقيل على أخي وصديقي الاستاذ جورج هاشم، وطلبت منه أكلة تين، متى حان القطاف طبعاً، بعد أن سمعت الكثير عن تيناته المحروسة بألف خرزة زرقاء. 
   وفجأة، أطل الهاشمي اسماً ونسباً، حاملاً إلي فيديو مهرجان الراحل الكبير الشاعر رامز عبيد، وبيده الثانية شيء لم أتبيّنه جيداً، الى أن فلشه أمامي على المكتب، وقال:
ـ لقد جئتك بحبتين (طابعين) من تينتي التي تسبق الموسم بأسابيع، ألف صحتين على قلبك.
لم أصدق أن ما فلشه أمامي تيناً، لأن الحبة منه أكبر من الاجاصة، فرحت أتحسس التينات وأبلّع بريقي، إلا أن ودّعني جورج، فودّعت معه تيناته قبل أن يسبقني إليها جائع.
   شكراً يا ابن تنورين، على حبّات التين. آمين.
   وما أن نشرت هذا الخبر في موقعي حتى تهافت المعلقون على ابداء آرائهم بالتين وأصحابه وآكليه، فأغدق الشاعر عصام ملكي لقب "بو تين" على جورج، و"بوتين روسيا" علي أنا:
بالنثر قالو.. وقالت الاشعار
ونحنا بشو قالو كلنا قبلنا
بو تين تنورين عنا صار
وبوتين روسيا يا شربلنا
   ومن لبنان تمنى الأديب رفيق البعيني أن يأتي الى سيدني كي "يتيّن" معي، فشكرت الله، رغم محبتي له، على انه في لبنان، لأن لا أحد غيري سيتلذذ بتينات ابن الهاشم:
صحتين يا أخي شربل 
شوقتنا نتيّن معك "مثل عصفور التين"
   وها هو الاعلامي أكرم برجس المغوّش يفضح محبتي للتين، وثرثراتي التي لا تنتهي حول ثماره الشهية:
   أعلمني أخي الاستاذ شربل بعيني عن إعجابه بهدية أخي الاديب جورج هاشم "التين " قبل عدة ساعات من نشره للخبر، ونحن ذاهبين للقاء البروفيسور القادم من أميركا جهاد علي مصطفى الاختصاصي العالمي المتفوق بجراحة القلب "ابن بنت جبيل" في الجنوب اللبناني. 
وطيلة المشوار الذي استغرق ساعة بالسيارة وشربل يحدثني عن التين، وهل أطيب من التين المبارك: والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين.
   وخوفاً من انتشار الخبر، راح "بو تين" تنورين، الاستاذ جورج هاشم، يهددني يؤنبني على إفشاء سر تيناته، وهذه غلطة أعترف بها، لا بل خطيئة مميتة، لأن أصدقاءه أكثر من الهم على القلب، وكلهم سيهجمون على تيناته، لا سمح الله، ويحرمونني منها:
يا صديقي ويا اخي شربل،
التين في استراليا يُعامل كما قالت حبيبة شاعر: 
إذا جئت فانظر شطر عينَيك غيرنا
 لكي يحسبوا ان الهوى حيث تنظر. 
والتين لا يُشَّهرُ به كما فعل الشاعر العراقي حافظ جميل في قصيدته: 
"يا تين يا توت يا رمان يا عنبُ" 
والتي غنَّاها ناظم الغزالي ومنها: 
يا تين يا خير أثمار البساتين
 يا لاوياً جيده فوق الافانين
 طل الندى لك مخضل الرياحين
 فافتر ثغرك عن ورد ونسرين... 
وأخشى لو "هتفت بالتين فاهتزت له طربا" كل قلوب المحبين والأصدقاء فلا يبقى للهاشمي الا التحسر والتفجع والحنين... وإذا انتشر الخبر سأضطر الى عقد مؤتمر صحفي تحت التينات وربما نذيعه من تلفزيون الغربة وأكذِّب الخبر واعتبره مؤامرة خيالية لن تُشبع أحدا من محبي التين. وسأنفي نفياً قاطعاً وجود أي شجرة تين في حديقتي. وإذا سأل احد الصحفيين مشيراً الى الأشجار المثقلة بثمارها: ما هذه؟ أقول شجر اجاص. أتصدقون الشجرة وتكذّبوني.
   وحده الصديق جورج ديّوب عرض خدماته التينية علي، وهذا شيء جميل جداً أرجو أن يتحقق بالقريب العاجل، حتى يخفف الضغط عن سميه جورج:
   ولو شربل كلنا تحت أمرك وﻻ يغلو عليك شيء إطﻻقا. لا تفتكر انني نسيتك، لكن وقت التين ما زال مبكرا.
   وبما أنني لا أقدر على نشر جميع التعليقات لكثرتها، أترككم مع تعليق جديد للصديق أكرم المغوّش يقول فيه:
أخي الاستاذ شربل لازم تعمل شركة تجارية للإعلانات والتسويق، لانك من كوزين تين من تينة الاستاذ جورج هاشم قوّمت القيامة ولم تقعدها!
   ولكي أنهي النقاش حول تينات جورج هاشم، أعترف أن لا تين عنده ولا من يحزنون، فقط كم شجرة إجاص، حسبتها تيناً لجهلي بالزراعة.
**