جدتي تفقد الحلم

وصلني من الدكتورة نجمة خليل حبيب كتابها الجديد "جدتي تفقد الحلم"، المؤلف من 192 صفحة من الحجم الكبير، والصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون.
ولكثرة اعجابي بالعنوان، رحت أقرأ القصة التي تحمله، والتي افتتحت بها الكتاب، وكأنها تأمرنا أن نقرأها.. وأن نتمعن بها.. وأن نتساءل اذا شئنا: لماذا خسرت جدتها الحلم؟.
حلم واحد من أحلامها الرائعة استوقفني لأنه ذكرني بنفسي حين كتبت قصائد ديوان "مراهقة" منذ نصف قرن دون أن التفت إلى الوراء.
وصدقوني أن جدتها هذه، جعلتني أندهش من جرأتها اللامحدودة، وكأنها لم تعش في زمن بابور الكاز بل في زمن "الانترنت والفايس بوك"، فلنقرأ معاً ما كتبت في قصاصات اعترافها:
"حلمت يوماً أنني ضبطت رجلي في فراشي مع أخرى. لم أغضب، بل وقفت مختبئة أراقب وأتلذذ فعلهما".
يا إلهي.. صرخت بأعلى صوتي، أتتلذذ امرأة شرقية قديمة بخيانة زوجها لها، وكأن شيئاً لم يكن؟.. ماذا كان سيحدث لو رأت فتاة اليوم ما رأت الجدة في غابر الأزمان؟ بالطبع سيقع الطلاق:
"إستفقت في الصباح ونفسي مشحونة بالإثم، حتى أنني شعرت بتصلب في عضلات حوضي جراء تفاعلاته مع وقائع الحلم"
سأتوقف قليلاً قبل أن أكمل كي التقط أنفاسي، لأن من الصعب أن يأتي بهذه الصورة الأدبية الناطقة الا من كان بمستوى قلم نجمة حبيب. فلقد اعلمتنا بعبارة واحدة. أن الجدة الطاهرة العفيفة لا تكذب، ولا تخاف من قول الحقيقة مهما كانت وكيفما كانت:
"بقيت طوال اليوم أحس بكرهي لنفسي، وكرهي له، حتى أنني لم أستطع أن أرمي عليه تحية الصباح".
هذا ما كتبته الجدة بشفافية وصدق، فلنر كيف سيكون موقف حفيدتها من أحلام جدتها. فلقد كتبت:
" بعد أن قرأت قصاصات جدتي تباطأت خطواتي اللاهثة وراء اليومي من أمور الحياة".
ولم تكتفِ بذلك، بل أقرت أنها عندما حملت القصة لنشرها في إحدى الجرائد، رمقها مدير التحرير بنظرة "لم أستطع تفسير معناها، ولكنني علمت أن مقالتي أدهشته، فلقد كتبتها حرباية لها ألف لون ولون".
لا لم تكتبها "حرباية" رغم الاندهاش الشديد الذي سيصيبنا عند قراءتها، بل كتبتها أديبة كبيرة، تعرف كيف توصل معاناة الفرد الى قرائها بصدق قد يولد الاندهاش اللذيذ.
**
شربل بعيني