مي متى.. مذيعة غير شكل

   لولا سرعة التكنولوجيا والبث التلفزيوني، لـم نكن لنحلـم بطلّة مذيعة أنعم اللـه عليها بثقافة عالية، وبإلقاء مسيطر، وبسرعة بديهة أسرع من الأثير، ومن إنترنت السعيد الذكر بيل غايت.. تلك هي السيّدة مي متّى.
   وقد أعجبتني ميّ بدراسة الموضوع، وتقليبه على جهاته الأربع، وفحص محتوياته قبل الخوض بغماره.. إنّها، والحق أقول، طبيبة نفسانيّة تنبش العقول لتفرح الأنظار.. وهذا ما لمسته بحوارها مع الدكتور عصام حدّاد، وبدردشتها مع الفنانة نجوى كرم.  فالأول، عرفت كيف تفجّر معلوماته الأدبيّة واللغوية، بتفنّن قلّ مثيله.. فلغة الدكتور عصام حدّاد العربيّة، لا يطأها إلاّ من امتطى صهوة الأدب، ورضع من ثدي الشعر.. ولقد وطئتها مي متى وشربت منها حتى الثمالة. 
   أما الثانية، فلقد عملت مي المستحيل كي تجمّل صورتها في مجتمع طائفي حقير، ينبذ من يتخطى حدود تقاليده وعاداته.. وراحت تطرح عليها أسئلة مدروسة، حوّلت نجوى من عدوّة لشعب مغلوب على أمره، إلى بطلة قوميّة عند شعب يعرف اللـه حقّ المعرفة، وقرّبتها أكثر فأكثر من قلوب ما زالت متحجرّة رغم ويلات الحرب الطائفيّة التي حصدت البنيان والانسان وأفلست وطننا الحبيب لبنان.
   مي متى، مذيعة غير شكل، في زمن كثرت فيه المذيعات، حتى أصبحن أكثر من الهمّ على القلب.. فلتخيّم علينا طلّتها.