وصل الإرهاب إلى بيتي.. يا هاورد

  الخوف من العمليات الإرهابية يجتاح أستراليا، ورئيسنا جون هاورد ساعة يطمئننا، وساعة يحذرنا من هجمات إرهابية في المنطقة (وأن علينا أن نتحمل هذا النوع من الإرهاب في منطقتنا لبعض الوقت) على حد تعبيره، واعترف بأن الإنتصار على الإرهاب لن يكون سهلاً، وفي نفس الوقت، بشّرنا بأن انفجارات بالي لن تجعل أستراليا عرضة لمثل هذه الهجمات، وبشّرنا أكثر بأنه (لا توجد في أستراليا شبكة إرهابية داخلية مماثلة لتلك التي في أندونيسيا)، ولكي لا نمني النفس بأحلام سعيدة، نبهنا من أن هناك مشكلة، ولهذا السبب (عمدنا إلى تشديد قوانين مكافحة الإرهاب)، وبعد لحظات قال: إن الحكومة الأسترالية لم تتلقَ أي معلومات تدعم رفع إنذار التحذير إلى أعلى من المستوى المتوسط.. فأين يعيش أخونا جون هاورد؟ وهل يعتقد أن الشعب الأسترالي أبله كي يتلاعب بعواطفه ساعة يشاء، ويمطره بتصريحات مضحكة، لا توصله إلى نتيجة؟.
   نصف سكان سيدني أعربوا عن مخاوفهم من استعمال وسائل النقل العام، خوفاً من أن يتعرّضوا لما تعرضت له قطارات وباصات لندن في السابع من تموز الماضي، وجون هاورد يصرّح ويلمّح.. دون أن يوضّح.
   الغرفة التجارية في ولاية نيو ساوث ويلز استفتت الناس في سوق سيدني التجاري، فتبين لها أن 32 بالمئة من سكان الولاية غير مرتاحين للتنقل بالقطارات والباصات والعبارات وما شابه، وأن 14 بالمئة منهم أعربوا عن خوفهم الشديد حيال ذلك، كما أن 80 بالمئة قالوا أنهم أكثر يقظة حيال أي نشاط مشبوه في الأماكن العامة.. وجون هاورد يطير من بلد لآخر، وفي كل بلد يحط به رحاله، تقع، وللأسف، عملية إرهابية جديدة. لقد انهار البرجان عندما كان في أميركا، وتفجرت القطارات والباصات عندما زار بريطانيا، وبعد كل تفجير يطلق تصريحاً عرمرمياً يبشّرنا به بسلامة أستراليا.. فاستبشروا.
   مارغي أوزموند، رئيس الغرفة التجارية التي أجرت الإستطلاع قال: لقد برهنت النتائج أن أمام السلطات الأسترالية طريقاً طويلاً وشاقاً لتبديد مخاوف المواطنين، وجعلهم يشعرون بالأمان التام أثناء تواجدهم في الأماكن العامة، وإلا فالإنعكاسات السلبية ستدمر اقتصادنا. فماذا فعلت السلطات كي تريحنا من هذا الخوف، وماذا فعلت كي لا يتدمر اقتصادنا.. ونتدمر معه؟
   لقد وصل الإرهاب إلى بيتي يا هاورد.. وبيتي يقع في وسط أكبر المدن الأسترالية، فماذا فعلتم؟ وما هي نتيجة التحقيق التي توصلتم إليها.. وهل رمي البيوت الآمنة بالشتائم والبيض النيء ليس إرهاباً بنظرك؟
   بيتي، رغم ضآلة حجمه ومساحته هو أستراليا بنظري، بجزرها وجبالها وسمائها وبحارها، وكل من يهدد أمنه فقد هدد أمن أستراليا ككل. فهل عرفتم من هدد أمنه؟ أم أنكم لا تهتمون إلا بالأوبرا هاوس، وبجسر سيدني، وبمعالم أستراليا السياحية، وبيوتنا معرضة للغزو كل لحظة، وتبقى تقارير الشرطة مجرد حبر على ورق، أو بالأحرى تنام في الأدراج، وكأن شيئاً لم يكن.
   أليس من العيب أن نحمي أنفسنا، وأن تتناوب العائلة على السهر بغية حماية أبنائها، وكأننا في تكساس أيام زمان، ودولتنا الأسترالية نائمة نومة أهل الكهف؟
   يا هاورد.. الإرهاب لا يتجزأ، فإرهاب المكالمات الهاتفية إرهاب من الدرجة الأولى، وإرهاب الرسائل الإلكترونية الملغومة بالجراثيم إرهاب من الدرجة الأولى، والهجوم على بيوت الناس الآمنين الطيبين إرهاب من الدرجة الأولى، فبالله عليك خفّف من تصريحاتك.. وابدأ بحمايتنا.