سامح الله صديقي الشاعر شوقي مسلماني، فلقد نشر خبر الهجوم على منزلي صباح يوم الجمعة الواقع في 16 أيلول، وهو يعلم أنني ضد تسريب الخبر إلى الإعلام بناء على رغبة البوليس الأسترالي الذي يحقق بالموضوع، ولكن محبته لي، هي التي دفعته إلى نشر الخبر، فألف شكر له.
لست أدري لماذا هاجموني، وإن جاء هجومهم على منزلي بعد يومين من نشر جريدة المستقبل الأسترالية لمقالي (حزب إسلامي في أستراليا) نقلاً عن إيلاف. صحيح أن اللغط دار حول هذا الموضوع، ولكنني لا أتهم أحداً، كما أنني لا أعتقد أن من طالب بنشر العدالة الإسلامية، والسلم الإسلامي، وأن حقوقنا لن تنتقص تحت راية حزبه، سيرسل مجموعة من الشباب المتحمس كي تشتمني، وتمطر بيتي وسيارتي بدزينات من البيض النيء.
القصة غير مفبركة، ويا ليتها كانت مفبركة، لتخلصت من رائحة البيض النتنة التي تغمر بيتي، وتسبب لي ألماً في رأسي، ناهيكم عن صعوبة غسلها عن الشبابيك والجدران والأبواب والقرميد ومدخل البيت.. والسيارة. فليسامحهم الله.
طوال الليل والأرق يقض مضجعي، فمساء الجمعة، أي يوم الهجوم، ستعرض مسرحيتي الجديدة (الكنز المسحور)، التي يمثلها أكثر من 500 طالب وطالبة من معهد سيدة لبنان ـ هاريس بارك، والتي ستنقلها إلى العالم أجمع قناة بانوراما الفضائية، فكيف لي أن أنام، وأنا المخرج والمؤلف لتلك المسرحية، وعلي أن أظهر وأخفي جيشاً كاملاً من الأطفال بأقل من ساعة ونصف، دون أن يلحظ الف شخص من الحضور ذلك، ولأنني كنت أتقلب كثيراً، وأضيء الغرفة كل نصف ساعة، لم تتمكن زوجتي من النوم أيضاً، فرحنا نتسامر ونضحك، إلى أن قلت لها: سأذهب إلى مكتبي، وأكتب مقالاً جديداً، فقالت لي، والله يشهد على ذلك: مقالاتك ستجلب لنا المشاكل.. وبعد نصف ساعة سمعت صراخاً وشتائم أخجل من ذكرها، وأن أحداً يحاول الدخول إلى منزلي المحمي جداً جداً، فقلت لزوجتي: هناك من يحاول الدخول إلينا، فتمتمت وهي تغالب نعاسها: نم.. أنهم الجيران.. مشاكلهم كثيرة لا تنتهي، فصدقتها، ودخلت الفراش ومع ذلك لم أرقد لحظة واحدة.
عند الساعة السادسة صباحاً، وهو الوقت الذي نستيقظ به بغية الإلتحاق بأعمالنا، خرجت لأدير محرك سيارتي المركونة أمام مرآب المنزل (الكاراج)، فصعقت من منظر البيض النيء الذي يغمرها، ويغمر معظم أرجاء البيت الخارجية، عندئذ أدركت أن الشتائم موجهة لي، وان الهجوم استهدفني شخصياً، فأعلمت الشرطة بالأمر، فاهتمت به كثيراً، واطلعت على بعض مقالاتي الأخيرة، وهي تعرف كيف ستتصرف.
هذا كل ما حدث، أرويه باختصار كي يعلم من هاجمني أن الكلمة لا تغلبها سوى كلمة أفضل منها، وأن الحوار أفضل بكثير من التخويف والإرهاب، وأن الله أوجدنا على هذه الأرض كي نتعايش، ونتفاهم، ونتأقلم مع محيطنا، وإلا أصبحنا نكرة.. و(فزيّعة) نخيف الناس بدلاً من أن نستميلهم إلينا بالمنطق الراقي والحجج الدامغة. حماكم الله من زوار الفجر، ومن كل من يزرع في الأرض فتنة.