نشيد بيروت

   أنا مغرم جدّاً جدّاً بالبرامج الفنيّة التي يعدّها المخرج اللبناني المعروف سيمون أسمر وخاصة برنامج (كأس النجوم)، ولهذا تسمّرت أمام شاشة التلفزيون، وألغيت جميع مواعيدي لأتمتّع بحلقة كأس مطرب المطربين الدكتور وديع الصافي.. وكم كانت فرحتي عظيمة عندما سمعته يتلفّظ باسم العميد محمد ياسر الأيّوبي، ويعلن أمام الشرق والغرب أنه سيغني نشيداً لبيروت العائدة، بيروت الثقافة والمجد، من كلمات من وهب لبنان وأمن لبنان أنضر سني عمره، وزيّن الشعر العربي بأروع الصور والأبيات.. ومنحنا، رغم عظمته، حبّه وتواضعه وإنسانيته..
   وعندما التقيته في مشواري الأخير إلى لبنان، وجدتني أقف أمام أنسان مثالي خلوق ، قلّ أن تجده على هذه البسيطة التعيسة.. وأعجبت به.      
   أعجبت بتواضعه، بمحبّته، باندفاعه، بصدقه، بعفويته، بشاعريته، بأخلاقه، بمناقبيته، بتسامحه، وبانفاتحه الإلهي المقدّس، وهمست في أذنه: انت قدّيس ماشي ع الأرض.
   وحسبت أن صوت الصافي، صوت اللـه على الأرض، سيهدينا النشيد الذي ألّفه محمد.. ولكن الأمل اضمحلّ عند انتهاء البرنامج.. ليبدأ الحنين الى سماع النشيد أو الى قراءة كلماته.. وها هي الكلمات تقع بين يدي، اهديها لكم بغية حفظها وترتيلها مع (وديعنا) ساعة يحطّ الصوت واللحن على شبابيك الغربة، كما حطّت هذه الكلمات الأيّوبيّة الرائعة:
كتابي المجد منذ المهد لـم يزلِ
كأنه قدر قد خُطَّ في الأزلِ
مهد الحضارات لا أحصي لها عدداً
أمّ الثقافات والقانون والمثلِ
مراكب الحرف من شطآنيَ انطلقت
فبشّرت في متاهات الدنى سلي
هياكل العلم في أرضي قواعدها
تهدي منائر فكري حائر السبلِ
وللثقافة عدت اليوم عاصمة
فهللي يا حروف الأبجديّة لي

أنا بيروت عروس العربِ
أمّي العلياء والمجد أبي
سافر الحرف على أشرعتي
يصل الشّرق بدنيا المغربِ

أنا بيروت أنا مهد الثقافة
معهد القانون ميدان الصحافة
أنا للأحرار دار للضيافة
دوحة الفنّ وروض الأدبِ

سرقوا التاريخ والأمجاد منّي
هجّروا كلّ حضاراتي وفنِّي
أنفض اليوم رماد الموت عنّي
حرّة في الموطن الحر الأبي

ردّت الروح مع الأمن إليّا
وجناح العلم قد رفّ عليّا
والثقافات بظلّي تتفيّا
حكمة الفادي وأحكام النبي