زعماء أشاوس

   لبنان، ومنذ بزوغ فجر استقلاله، يعيش تقلبات سياسية موجعة لدرجة قيل معها: كل عشر سنوات هناك حرب أهلية في لبنان. وما نراه اليوم هو امتداد لتلك التقلبات، لن يتغيّر ما لم يتغيّر نظام الحكم الطائفي، وتلتغى المحاصصة الطائفية، وتتلاشى الكانتونات الطائفية.
   لبنان، كما نراه مقسم طائفياً، بشكل مقرف، فبمجرد أن تذكر اسم منطقة فيه حتى تنعتها طائفياً، لذلك نجد أن معظم سياسيينا لا يعملون من أجل مصلحة لبنان ككل، بل من أجل مصلحة مناطقهم الضيقة التي تعطيهم القوة والاستمرار.
فبكل الأسف أقول ان لبنان لن ينعم باستقراره، ما لم ينعم باستقلاله، فالتدخلات الأجنبية تتلاعب به كما تتلاعب الرياح بأوراق الأشجار الخريفية، والنعرات الطائفية تقض مضجعه إثر كل غياب شمس، وزعماؤه الأشاوس لا تهمهم سوى مراكزهم، والويل لمن يتطاول عليهم. إنهم جبنة الوطن المعفنة الفاسدة، وعلينا أن نلتهمها باستمرار..
   جريمة اغتيال الحريري يجب أن لا تمر دون عقاب، كي لا تحصل جرائم أخرى، قد لا تصيب السياسيين بل أرباب القلم، كما حصل مع مي شدياق، وجبران تويني، وسمير قصير، وسليم اللوزي وغيرهم. ولكنها ليست السبب فيما يحصل بلبنان، لأن لبنان كما قلت سابقاً، مبني على بركان طائفي، ينفث حممه باستمرار، ولن يتمكن متمكن من إخماده ما لم نبنِ المواطن العلماني، الذي لا تهمه أولاً وأخيراً، سوى مصلحة وطنه لبنان.
   كما أن اسرائيل ليست بحاجة إلى ذرائع كي تهاجم لبنان، فأرضه مباحة لها ولغيرها، وهنا الطامة الكبرى.. إذ كيف يقبل لبنان على انفراج سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي، وكل من فيه، وكل من حوله، أعداء له، وإن اختلفت التسميات.
   لقد قال أحدهم: إنقاذ لبنان لن يتم إلا بإعجوبة، وأعتقد أن هذه الأعجوبة لن تتم إلا بأيدي الشرفاء من أبنائه، فتعالوا نعمل بإخلاص من أجل إنقاذه. إنه وطننا الذي لا وطن لنا في الشرق إلاه. له نتطلع وبه نحلم، ومن أجله نشدو ونكتب وندمع.